جسر توك توكي لإجلاء المصريين العالقين بالسودان
رؤية لوجيستية ساخرة .. لأحداث ليلة من الليالي المتكررة
رؤية لوجيستية ساخرة .. لأحداث ليلة من الليالي المتكررة
كالعادة فشل الإعلام المصري في التعامل بحرفية مع المواقف الصعبة .. وبان أنه في مجمله -بما فيه أكثر الأبواق الإعلامية معارضة للحكومة المصرية- كان قد فشل في نقل الصورة الحقيقية إلى الشعب المصري قبل المبارة الفاصلة بين مصر والجزائر.
بدأت المباراة وكل المصريون يأملون تحقيق الفوز خاصة مع تنامي إيمانهم الراسخ -والذي أكدت عليه كل الابواق الاعلامية- بأنهم يلعبون على أرضهم ووسط جمهورهم لأن السودان هي الأخت الشقيقة لمصر، أما الجزائر فهي ليست كذلك بالنسبة لهم... وبمرورو الوقت ظهر بما لا يدع مجالا للشك أن الأكثرية من الجمهور السوداني يقف إلى جانب الفريق الجزائري وليس المصري .. وعلى الرغم من أنني لست لاعبا للكرة إلا أنني احسست بشعور بوتريكة والحضري ومتعب وجمعة ... الخ، الذين فوجئوا بأن الأمر مخالفا تماما لما صوره إعلامنا الخائب. واكتشف اللاعبون أنهم غرباء في السودان وفقدوا وفقد قائدهم شحاتة التركيز حتى في أبسط فنون الكرة.
سافر العديد من المصريين، ومعهم وفد على أعلى مستوى، بدعم وتكليف شبه مباشر لبعض رموز الدولة من إعلاميين وفنانين ليشاركوا (بقصد / دون قصد) في ترويج مقولة (الأخت الكبرى - مصر) لكنهم اكتشفوا هناك وجهة النظر الأخرى، والتي لم يلتفت إليها أحد على الرغم من كثرة ما قيلت في العديد من المناسبات. اكتشفوا أن الأخوات الصغار (الجزائر – السودان ... الخ) قد تبرأوا من أختهم الكبرى لعهرها السياسي وأهدروا دمها وينتظرون من يأتي لهم برأسها في أقرب فرصة. أو في أقرب موقع .. حتى لو كان الأمر على خلفية مباراة في الكرة... وكان مطار الخرطوم واحدا من المواقع التي أتيحت لتنفيذ هذه العملية التي اعتقد من نفذوها من المهاويس أنها مسألة شرف ، فحاولوا إلحاق الأذى بأختهم العاهرة على أعمالها غير الكروية .. وفوجئ المصريون الذين سافروا إلى السودان، أنهم محاصرين ولن يتمكنوا من الوصول إلى المطار للعودة على مصر النيكانة بعد أن قام مجموعة من الرعاع بمحاصرة المطار ومنع كل مصري من الوصول إلى أرض المطار.
اكتشف المشجعون المصريون (طلبة الجامعة الأمريكية وشباب جمعية المستقبل وبكوات الحزب الوطني وأمثالهم من الجمهور الفافي) أنهم قد نصب لهم كمين، وتاهوا وسط قطيع من حاملي السنج والمطاوي وكافة أنواع الأسلحة البيضاء .. تاهوا في شوارع السودان.. حاولوا الوصول إلى المطار لاستقلال طائراتهم إلى مصر دون جدوى فاختبأ منهم البعض وهرول منهم أيضا من استطاع إليه سبيلا .. اختبأ كل حاملي الأعلام المصرية وأصحاب الوجوه المنقوشة بعلم مصر من بطش ذلك الغول البربري الذي ظهر فجأة في الشوارع المؤدية للمطار.
ودام فزع رموز الدولة من فنانين وإعلاميين ورجال دولة لساعات حتى جاءهم الفرج من مكالمة الريس أبو وليد رئيس رابطة سائقي الـ "توك توك" بكفر مصر يخبرهم بأنه بصفته رئيس الرابطة، ومعه ممثلين من جميع المحافظات قد عقدوا اجتماعا عاجلا واتخذوا قرارا بتسخير كل إمكاناتهم المادية والبشرية لتمكين عودتهم إلى مصر،
واتصلوا بإخوانهم من رابطة سائقي الـ "توك توك" السودانيين واتفقوا معهم على خطة لنقلهم بواسطة الاخوة السودانيين إلى أقرب نقطة على الحدود حيث يكون في انتظارهم حملة من عربات الـ "توك توك" في مصر لتوصيلهم إلى الفنادق القريبة بأسوان حتى يتمكنوا بعدها من العودة إلى بيوتهم الفاخرة بالقاهرة. وتم الاتفاق ونفذت الخطة بدقة متناهية كان فيه التنسيق بين الطرفين -كما التنسيق الدائم بين كل الدول العربية- رائعا ويتم كما كان دوما على مستوى الـ "توك .. توك" ( Talk.. Talk).
ثم ، كعادة كل الحكومات العربية، ركبت الحكومة المصرية الموجة، وأقامت حفلات التكريم لسائقي الـ "توك توك" المصريين على أدائهم المبهر، وأعلنت عن تعديلها الوزاري الجديد متضمنا حقيبتين وزاريتين جديدتين:
1- وزارة الـ "توك .. توك" الحديد .. برئاسة الريس أبو وليد،
2- ووزارة الحرب على الجزاير .. برئاسة الفريق أركان حرب زاهر.
أما الحكومة الجزائرية، فعلى ما يبدو انها لم تجد موجة تركبها أفضل من ركوبها العنيف غير المهذب ... فوق قمة كأس العالم المدبب.
أبو بكر
20 نوفمبر 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق